دائما ما يكون هناك من يضع أنامله على نبض الحروف وكأنه يقرأ تمتمة صمتها أو إن لم تخني التعابير كأنه يتعمدِ إثارة ما بين السطور؟ وهذا سر الجمال
كأني به يثيرِ الثمانية والعشرين حرفعلى غزو تلك المحابر المركونة في أقصى غرفتي والتي غطتها أغبرة الزمان وأزعجها دوي الصمت .
فعندما أقرأ ما يكتبون من سطور ،وقتها يغطني الحنين ويسبح بي خيال الذكريات لأيام خلت كنا نعيش فيها بمرح الكتابة الساخرة.
كنا أشبه بتلك المسلسلات الدرامية والتي تصور حياة الأربعينيات إبّان الاستعمارالفرنسي لبعض دول حوض البحر المتوسط وبالأخص الشام حينما يجتمع أولئك الفتية حول ذاك " الحكواتي " في أحدى المقاهي الشعبية والذي بدوره كان يستلهم مشاعرهم وعنفوانهم ويعزف من خلالها تلك السيمفونية الساخرة.
بعدها إفاقة حانية من خيال عابر نحو أدراجي علّي أجد ماكتبت في تلك الأيام.
وقفة ليست بالطويلة :
قد يظن الكثير أن حياة كثيرا من الكتّاب الساخرين هي واقع معاش لما يكتبونوأنهم يمارسون السخرية في كثيرا من تعاملاتهم بل أن طباعهم هي كحال كتاباتهم ، وهذاظن يخالف لواقع بعض الساخرين في كتابتهم فمن الأمثلة على ذلك الكاتب الفرنسي "فونتيل" والذي كان يمارس السخرية في كامل تزمته وعبوس وجهه وقلة ضحكة ، بمعنى أنهكان يعكس صورة مغايرة لذاته المتزمتة، وغيره كثير ممن يحملون تلك الصفات .
بالفعل قراءات تحرّك داخلي أشياء كثيرة لفن كنت أتطفل عليه بعنف …علي أجدشيئا من أوراقي القديمة حينما كنت أمارس الفن الساخر في الكتابة .