الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين
اننا في التعليم لا يمكن أن تتفق كل الرؤى على شخص!
في التربية لا يمكن أن تجتمع كل الأصوات على طريقة! في الحياة ليس هناك عمل يمكن أن نقول عنه إنه عمل كامل! في العدل والإنصاف ليس هناك مسؤول كله سوء أو كله حسن!..
هكذا نحن إذاً، نعبر بآرائنا إلى الحياة وتفصيلاتها دون أن ندرك أننا نحتاج إلى رؤية وبصيرة وصدق، وكذلك إنصاف وتجرُّد!
لا أعتقد أن كلَّ منتقدي الوزير الأسبق للتربية والتعليم في المملكة العربية السعودية، الدكتور محمد بن أحمد الرشيد، يستطيعون مسح جهوده في التربية والتعليم بحجة أن المعلِّم في عهد وزارته فَقَد حقوقه وبعض مستحقاته! ولا يمكن لمحبيه أن يتجنبوا آراء منتقديه لأدائه في الوزارة بحجة أن المنتقدين لم يفهموا توجهاته بشكل جيد، ولم يستوعبوا خطواته التي يعتقد بعضنا أنها كانت سريعة إلى درجة أن باتت الخطوة فيها تحرق الأخرى؛ فاتخذوا الخيار الأسهل، وهو أن يكونوا أعداء مخلصين لتلك الآراء والتوجهات منذ بداية تشكلها
لكن من غير المقبول أن يأتي اليوم من ينسف كل تلك الجهود بحجة أن الوزير الرشيد لم يقدم شيئاً، وليس آخرها ما يفعله بعض المتسائلين في ردودهم على طرح الدكتور محمد بن أحمد الرشيد ورؤيته الواقعية والآنية عن التعليم العام أو العالي؛ فيسألون السؤال ذاته، لكن هذه المرة بشيء من الانتقاص "ماذا قدم الوزير الأسبق محمد بن أحمد الرشيد للوزارة في وقته حتى يأتي الآن وينظِّر؟!".
ولعل المنتقدين - وهم كثيرون - لرؤية الدكتور محمد، أو المعترضين جملة وتفصيلاً على كلامه، لا يعلمون أن هناك أشياء كثيرة فُعلت إبان وزارته التي امتدت ثماني سنوات، وإلا لما اختلف حوله كثير من الكتَّاب والتربويين في زمنه وبعد رحيله، ولعل المراقِب الجيِّد لما كُتب أو قيل من خُطَب أثناء وجود الوزير الرشيد داخل الوزارة يدرك جيداً أنها لم تكن لتثبت في أفئدة وعقول بعض المنتقدين لولا أنها خدمت بشكل فاق خدمة التعليم ونهوض التربية آنذاك!
لسنا هنا في موقف الدفاع عن زمن الرشيد؛ ففيه أخطاء، ربما لا يكون له يد فيها، كما فيه أشياء صائبة، كان له الفضل الكبير فيها، وهذه طبيعة العاملين
ان التربية والتعليم اليوم بحاجة كبيرة إلى تنظير يساعد المنفذين الفاعلين على عمل الكثير
v بعض من سيرة الرشيد وحياته العملية وتدرجه في المناصب
ولعلي ابدا هنا بذكر شي من سيرته والتي تعتبر مسيرة طويلة قطعها الدكتور محمد أحمد الرشيد منذ ميلاده في المجمعة عام 1363هـ، وتقلده لوزارة التربية والتعليم ومجلس الشورى وغيرها من المناصب الأخرى ما بين «الوزارة والشورى»، فخطواته الأولى بدأت منذ تخرجه من المدرسة السعودية الابتدائية بالمجمعة عام 1373هـ، ثم في المعهد العلمي عام 1379هـ، ليحصل على ثانوية العامة (انتساب) من المعهد العلمي السعودي بمكة المكرمة عام 1381هـ، وبكالوريوس اللغة العربية من كلية اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عام 1384هـ/1964م، ثم درجة الماجستير في مجال التعليم العالي وشؤون الطلاب من جامعة (إنديانا) عام 1389هـ/ 1969م، ليحصل بعدها على الدكتورة في مجال إدارة التعليم العالي من جامعة (أوكلاهوما) عام 1392هـ/ 1972م، لينطلق من ثم في مجاله العملي معلمًا في المعاهد العلمية بالرياض عام 1385هـ، ثم معيدًا بكلية الشريعة الإسلامية بمكة المكرمة عام 1386هـ، ومدرسًا بكلية التربية بجامعة الملك سعود بالرياض، ثم وكيلًا لنفس الكلية، ثم أستاذًا مساعدًا، ثم عميدًا، ثم أستاذًا مشاركًا في قسم التربية، ثم مديرًا عامًا لمكتب التربية العربي لدول الخليج عام 1400هـ، ليتولى وزارة المعارف من عام 1416هـ إلى 29/12/1425هـ.. وفي ثنايا هذه السنوات كان عضوًا باللجنة التأسيسية لكلية التربية بأبها، وعضوًا بلجنة إعداد الخطة الخمسية الثالثة لوزارة التعليم العالي، ورئيسًا للجنة وضع لائحة رابطة الخرجين بجامعة الملك سعود، كما كان الرئيس العام لدراسة تطوير مدارس الرياض التي قامت بها كلية التربية في عام 1398هـ،
وأسهم بالكثير من الدراسات من بينها الدراسة الذاتية لجامعة الرياض، ودراسة عن تنظيم وزارة التعليم العالي، ودراسة بالاشتراك مع زميل آخر حول إمكانية فتح الكليات العليا بجامعة الملك سعود. كما شارك مع وزارة المعارف في وضع مناهج وخطط ونظام المدارس الشاملة. وشارك في اللجنة المكلفة بوضع الخطة الدراسية الجديدة لكلية التربية على نظام الساعات المقررة.
v شيء من فلسفة الرشيد التعليمية والبعد الاستراتيجي عنده :
· ان التعليم في المملكة العربية السعودية - أعني التعليم العام - يسير وفقًا لسياسة التعليم في المنطقة العربية وأقول وأنا المتخصص في قضايا التربية والتعليم إنها من أفضل السياسات وأكملها، تتحدث عن: واجبات الدولة تجاه مواطنيها في التعليم، وأهداف التعليم، ومهامه، وغاياته العامة، ثم الغاية من التعليم في كل مرحلة من مراحل التعليم والمطلوب منها. كما انها لم تهمل الفئات الخاصة سواء ما نسميه بفئة الموهوبين والنابغين وما ينبغي عمله لهم، أو المعاقين أيًا كانت إعاقاتهم وما ينبغي عمله لهم
· ايضا فيما يخص التخطيط للتعليم والتربية وما ينبغي أن يكون في مجمله. وقد تمت ترجمة سياسة التعليم إلى اللغة الإنجليزية والفرنسية، وسمعنا واطلعنا على التعليقات عليها من قبل المختصين الأجانب الذين أجمعوا على أنها من أدق وأفضل سياسات التعليم التي اعتمدتها أي دولة أخرى، فإن كان هناك قصور فهو قصور من التنفيذيين في الوزارة أو الجهات التعليمية الأخرى، أما سياسة التعليم ففي ظني بل يقيني ويقين جميع الأخوة هي في مرحلة ليست بعيدة عن الكمال. وهي مرجعنا في كل خطواتنا.
· التعليم يصعب علي أن أصف لكم واقعه لكنه في مجمله ليس سيئًا والذي طرأ أننا أصبحنا غير راضين عن كثير من برامجه ومناهجه نتيجة للطفرة المعلوماتية وتعدد وسائل الإعلام المرئية على وجه الخصوص التي أصبحت تشد الناشئة وهي مشوقة. ولم تعد المدرسة هي الوسيلة المشوقة التي تجذب الناس.
· وكانت المدرسة في بلدنا هي محل استقطاب الناس كل الناس، الثقافة فيها والتعليم فيها وليس هناك من يعرف في البلدة وفي الحي والحارة إلا ذلك المعلم فالمدرسة بالنسبة لنا هي مركز بلورة ثقافية تعليمية مضيئة.
· والآن مع انتشار التعليم وتوسعه ووجود الأشياء الأخرى , لم تعد المدرسة مغرية كما كانت بل فيها ارتباط ودقة وواجبات. قد يرى الطالب وغير الطالب أن التلفزيون وقنواته المتعددة أيسر وأمتع وأكثر تسلية. ولم يعد التعليم مغريًا، والطريقة التي يقدم فيها سواء أكانت الكتاب أو السبورة أو المعلم ليست بالشيء المشوق.. التقنية تقدمت وأصبح من الصعب على الكثير من المعلمين ملاحقتها واستعمالها في إيصال المعلومات العلمية أو التربوية. إضافة إلى الاحتياج المتزايد للمعلمين الناتج عن كثرة المدارس جعل مهنة التعليم متاحة لمن هو قادر وكفء لعمل المعلم ولمن ليس كذلك.خاصة وأن وظيفة المعلم الآن لم تعد كما كانت من الوظائف التي لا يحبها ويرغب فيها أحد.
· فأصبح لدينا كثرة من المعلمين ولكنهم ليسوا مثل حمد فدا، وعثمان والصالح، وعبد الله خياط، وغيرهم، من الرواد الذين امتهنوا التعليم عن جدارة وحب، وهذا ما أظهر لي ولكم بعض المآخذ الحالية على التعليم. وأعتقد أن المعلم هو العنصر الأهم في العملية التربوية، ولو تمكنا من إيجاد المعلم الكفء مهما كانت برامجنا أو مناهجنا وكتبنا المقررة لاستطعنا أن نتخلص من كثير من نقاط الضعف فيها.. وهذا لايعني بأي حال أننا راضون كل الرضا عن برامجنا.
· ولو سألني سائل: ما هي أبرز مشاكل التعليم، لقلت إنه المعلم القادر وحتى لا يساء فهمي أقول لست هنا أقلل من شأن الكثير من المعلمين المخلصين بل أفخر وأزهو بأن فيهم عددًا كبيرًا جدًا ينتمي إلى مهنتنا ونحن سعداء بهم ولكن دخل بينهم أناس لسنا سعداء بهم، ومشكلتنا أننا لم نستطيع حتى الآن أن نجعل كل معلمينا من الأشخاص الذين ليس عليهم ملاحظات. أولئك الأخوة الذين يستحقون منا الثناء والشكر والعرفان
· إنه لا بد في تربية المواطن الصالح الذي نسعى لإعداده من أن يُغرس في قلبه حبّ وطنه، ومعرفته لمكانته وإمكاناته، ولتاريخه، وحاضره، واستشرافه لمستقبله، وهذه أمور يجب أن تبنى على العلم لا على الدعاوى والأماني، وإن من أهم ما يبعث روح القوة في نفوس ناشئتنا استشعارهم أنهم جزء من وطنهم العربي، وأنهم يشرفون بخدمة أطهر البقاع التي تهفو إليها أفئدة ملايينها
· إن مدرسة اليوم تواجه تحديات ما كانت تعرفها (مدرسة الأمس)، وهي - بعد الأسرة - أهمّ المؤسسات قاطبة في تحقيق الغايات التي أشرنا إلى بعضها، وركن المدرسة الركين: مديرها ومعلموها: أما المدير فهو قائد السفينة، والمشرف التربوي المقيم فيها.. أما المعلمون فهم الذين يصنعون - بتوفيق الله - من الخامات المتاحة النابهين، والنابغين، والمتميزين، بل يصنعون مستقبل الأمة كلها بعون الله، فلننظر إلى واقعنا: لإصلاح ما يمكن إصلاحه، وإرشاد من يحتاج من المربين إلى إرشاد، وتدريب من يحتاج إلى تدريب، والأخذ بيد المجيدين ليعطوا المزيد، واستبعاد من تقتضي المصلحة استبعاده، ومراقبة الله أولاً، ابتغاء خير الناشئة، وتطبيق المعايير الموضوعية العلمية دون تأثر بالعواطف والمجاملات.
· ولأن المدرسة هي الحضن الأهم للشباب، لذا يجب التأكد من أنها تربي الطالب داخل (مجتمعها الصغير) تربية سليمة: تقدح زناد فكره، وتشعل في نفسه جذوة الشوق للمعرفة، وتفجر مواهبه، وتعلمه أدب الحوار، وفقه الاختلاف، واحترام آراء الآخرين، فهي مطالبة أن تكون دائماً جاذبة غير نابذة، مغرية غير منفرة، مقربة غير مبعدة.
· والبذرة الأولى لتربية كامنة في «التعليم قبل المدرسي»، لذا يجب بذل غاية الجهد لتنفيذ قرار اللجنة العليا لسياسة التعليم الذي توج بموافقة المقام السامي بجعل رياض الأطفال مسؤولية وزارة التربية والتعليم، وتعميمها في جميع أنحاء المملكة، وجعلها متاحة للأطفال كافة
· اقتناعي الذي لا يتزعزع بأن التربية الجيدة هي العامل الرئيس المحقق للتنمية. وأن التربية الجيدة تعتمد على المعلم المربي الجيد، وبالتالي فإن التركيز على المعلم: انتقاءً وإعداداً وتدريباً ينبغي أن يكون الهم الأول لوزارة المعارف، وأن العوامل الأخرى - مع أهميتها - لا تصل إلى أهمية المعلم، لأنه مهما كانت البيئة المدرسية - من مبنى وتجهيزات - جيدة، ومهما كانت المناهج متطورة فإذا لم يكن هناك معلم قادر على (قدح شرارة الشوق في نفس المتعلم لأن يتعلم) فلا جدوى منها جميعاً. وحددتُ الشعار الذي شاع فيما بعد، وكُتب بخط عريض على الجدران ولوحات الإعلانات في معظم المدار وراء كل أمة عظيمة تربية عظيمة
· وجوهر كل تربية عظيمة معلمون ومربون عظماء، منتجون، مخلصون، صادقون، عاملون)
v الثوابت الادارية عند الرشيد
· إننا نحن العاملين في ميدان التربية والتعليم أصحاب رسالة لا سبيل للقيام بمهمتنا إلا حين نعمل جميعاً بروح الفريق، لذا فإنه لا يصدر قرار إستراتيجي إلا بعد أن تتم دراسته وتنقيحه من قبل القياديين، وأعني بهم في المقام الأول: الزملاء التربويين في الميدان، فهم على اتصال مباشر مع المعلمين والمتعلمين.
· ليس بالإمكان تحقيق طموحاتنا في التطوير إلا بسلامة صدورنا، ووضوحنا وحسن ظن كل واحد منا بالآخر مع تكامل جهودنا والتنسيق فيما بين قطاعات الوزارة.
· إن دور الجهاز المركزي (الوزارة) يقتصر على التخطيط المبني على ما يرد من الميدان من مقترحات تطويرية، والتنفيذ متروك لإدارات التعليم المنتشرة في المملكة، بما في ذلك توزيع الميزانية السنوية حسب حجم كل إدارة.
· لا تغيير في المراكز الوظيفية والجميع مدعوون للاستمرار في عملهم، والحكم على أي شخص يكون بناءً على معايير وضوابط محددة.
· يعقد صباح كل يوم أربعاء اجتماع يضم - بجانب الوكلاء والوكلاء المساعدين - المديرين العامين ورؤساء الأقسام والغرض منه تبادل المعلومات عن كل ما يجري في كل إدارة وقطاع وما سيكون عليه الأسبوع المقبل، بحيث يكون الجميع على علم بما يجري في الوزارة ويكون التكامل قائماً في مشاريع الوزارة ويدعى للاجتماع مديرا تعليم: أحدهما مدير تعليم منطقة والآخر مدير تعليم محافظة.
· يتولى فريق عمل دراسة كل مشروع أو برنامج ويعرضه على المجتمعين لتطويره وتنقيحه.
· يوضع جدول زمني بموجبه يتم توزيع مناطق التعليم ومحافظاته على كبار مسؤولي الجهاز المركزي لزيارتها ومتابعة تذليل كل العقبات التي قد تواجه كل إدارة.
· تكوين فرق عمل يزور كل منها عدداً مختاراً من الدول الخارجية للوقوف على تجاربها والاستفادة منها.
· ترتيب لقاء سنوي لمديري التعليم مع القيادة (الملك، ولي العهد، النائب الثاني، وزير الداخلية) لتلقي توجيهاتهم وإطلاعهم على واقع التعليم.
· عقد مؤتمر سنوي لمدة ثلاثة أيام، يكون العمل فيه على نمطين، نمط فكري، ونمط إجرائي، ويكون فيه ضيف كبير يتحدث في جانب فكري تحدده لجنة الإعداد، إلى جانب أوراق عمل أخرى من المشاركين.
v بعض المفاهيم فيما يخص عملية الادارة التربوية عند الرشيد
· إننا في الوزارة مؤتمنون على أغلى ما تملكه الأمة، فلذات أكبادنا، رجال المستقبل بإذن الله.
· المعلم صاحب رسالة قبل أن يكون صاحب وظيفة بالنظر إلى عظم الدور التربوي الذي يقوم به في المجتمع.
· إن أول ما يجب أن نُعلِّمه للطلاب والطالبات هو: كيف يتعلمون وكيف يستثمرون في التعليم ويستمرون فيه إلى آخر أيام العمر وكيف يفكرون وكيف يستنتجون ورددنا المثل الذي يقول: (لا تعطني سمكة وإنما علمني كيف أصطادها).
· إن من صميم مسؤولية المدرسة اكتشاف المواهب وتوجيهها وترسيخ حب المهنة، والعمل بإتقان، وحب العمل اليدوي.
· التعليم بالقدوة، ومقياس نجاح المعلم هو ما يبدو من أثر لما يعلمه لتلاميذه وليس حفظهم.
· إذا كانت الإدارة سلطة، أعطاها المرؤوسون أطراف ألسنتهم، أما إذا كانت روحاً وقلباً واحتراماً وتشاوراً، أعطاها المرؤوسون ذوب أنفسهم وبدا هذا كله في إنجازهم.
· أثمن النصائح وأحكمها لا يستفيد منها المرء ولا يفيد ما لم يطبقها.
· إذا كنت ترجو كبار الأمور فأعدد لها همة أكبرا
v وفي نظري ان معالي الوزير د. محمد الرشيد يتميز بعدد من صفات القائد التربوي ولعل ابرزها:
الالتزام بالقوانين والأنظمة والتعليمات حيث ان الالتزام بالقوانين والأنظمة والتعليمات ـ وما أكثرها في بلادنا ـ يوجب على الإداري الاطلاع على عشرات القوانين ومئات الانظمة وآلاف التعليمات ليكون صائباً في قراراته ، وهو أمر قد لا يتيسر للكثير من الإداريين ، لذا يستعين هؤلاء الإداريون بعدد من المشاورين والمدراء ـ الذين يدونون آراءهم بهوامش ومذكرات ، أوغيرهما من وسائل إبداء الرأي والمداخلات ـ لضمان عدم خروج الإداري عن القوانين والأنظمة والتعليمات
كذلك الدقة في العمل وهي ضرورة أساسية لكل قائد يسعى لإحكام عمله وإدارته ، سواء أكانت تلك الادارة عامة , ام على مستوى المدرسة ، أو أي ادارة في مؤسسات الدولة أو المؤسسات الخاصة ، وبدونها ـ جميعا ـ لا يمكن ان تكون القرارات صحيحة ، بل العكس قد تتخذ قرارات خاطئة تؤدي الى نتائج غير مرجوة ، تسهم في ضياع الوقت وهدر المال.
كذلك ايضا تحمل المسئولية وهي إمكانية القائد على تحمل المسؤولية في اتخاذ القرار ، لأن ضعف المسؤول وعدم درايته بالقوانين والانظمة والتعليمات أمران يجعلانه متردداً ، خائفاً من اتخاذ أي قرار خشية الوقوع في الخطأ ، أو عدم مواءمة ذلك القرار للقوانين أو التعليمات ، أو أنه لا يدرك ـ بسبب قلة خبرته ـ ما هو الأدق من قرارات ، فيقع تحت طائلة السؤال والحساب ، وما أكثر جهات التدقيق والحساب في هذا اليوم .
لذلك فإن لم يكن القائد مستعداً لتحمل المسؤولية في ما اتخذ من قرار ، فإنه سيحاول أن يرمي بها على هذا الموظف او ذاك ، بمجرد أن يُسأل عنها ، على العكس من الإداري الواثق المستعد لتحمل المسؤولية الكاملة عن كل ما اتخذه من قرارات ، لثقته بنفسه وبمن يحيط به
ايضا القدرة على اتخاذ القرار فالقائد الناجح في عمله يستطيع اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب ، فالقائد الناجح يستطيع مطمئناً اتخاذ القرار الصحيح والمناسب في الوقت الصحيح والمناسب .
ايضا إمتلاك الشجاعة: فهناك فرق في الطريقة التي يتعامل بها الشخص الشجاع و الشخص الخجول مع الادارة ، فالشخص الجريء المقدام قد يلجأ إلى المشي على الحافة بهدف إنجاز الأعمال مع تحمله لكافة النتائج المترتبة على ذلك والمسؤولية الكاملة .
كذلك العمل الجاد بتفان وإلتزام: فالقادة الفعال يقوم بإنجاز أعماله بتفان و عطاء كبير كما يكون لديه إلتزام تجاه تلك الأعمال.
ايضا تحديد الأهداف: والتي تعتبر ذات ضرورة قصوى لإتخاذ القرارات الصعبة, وايضا مهمه جدا في المساعدة على استشراف المستقبل والعمل من اجله
كذلك الهدوء و الاتزان في معالجة الأمور و الرزانة و التعقل والمرونة وسعة الأفق
وانا ممن اجتمع مع معالي الوزير عام 1424 هـ ووجدته رجلا هادئا وبارعا في سياسة الاحتواء , اذا استطاع ان يحتوي تلك النقاط التي عرضت على معاليه وكان فيها بعض الحدة في الطرح من بعض الزملاء ولكني وجدت معاليه استطاع وبكل حرفية ان يرضي جميع الاطراف ويحتوي
استمرار الحماس: إن أغلب القادة يمتلكون حماسا ملهما ،فهم تماما كالشعلة التي لا تنطفئ أبدا لتبقى متقدة على الدوام، فنمو القائد وتطوره يتطلب حماسا حقيقيا ملهما وإذا كان الفرد في حيرة حول الكيفية التي يمكن الحصول بها على ذلك الحماس فما عليه إذا إلا إعادة الصفات القيادية السابقة لوجود علاقة وثيقة و متراصة بين تلك الصفات.
امتلاك الحنكة: فالقائد الفعَال هو ذلك الشخص الذي يمتلك مستوى رفيعا من الحنكة بحيث يتمكن من تنظيم المواقف الفوضوية، فهو لا يتجاوب مع المشاكل بل يستجيب لها.
ان المتأمل في سيرة الرشيد العملية يدرك ان هذا الرجل كان لديه همة عالية وطموح كبير في الارتقاء بالعملية التربوية , ولكن ربما ان الوزير انتهت مدة توليه للوزارة فانتهت تلك المشاريع برحيله, وذلك لأنه لا يوجد عمل مؤسسي يتخذ صبغة الاستمرارية بحيث لا يتوقف ولا يتغير أو يتأثر بتغيير المسؤول ، بل كلما جاء وزير أو وكيل أو مدير نسف جهود السابقين واخترع مشاريع جديدة بل ربما أُلغيت مشاريع قائمة لأن المسؤول الذي كان مهتماً بها رحل فهي ترحل أيضاً برحيله.
إن مشكلة التربية والتعليم ليست في الإمكانات المادية والميزانيات وإنما في العقول التي تدير العملية التربوية ؛ بتحديد أكثر دقة في مسؤولي الوزارة ومديري التربية والتعليم وفي وجود ممارسات إدارية عشوائية لا تحكمها خطط ولا أنظمة.
المراجع :
1- مسيرتي مع الحياة: محمد بن أحمد الرشيد
2- الرشيد" بين الإنصاف والتجني : علي فايع الالمعي
3- مجموعة مقالات للدكتور محمد بن احمد الرشيد
4- مقالات تربوية متنوعة فيما يخص العملية التربوية في عهد الرشيد